Powered By Blogger

الأربعاء، 9 يوليو 2014

المزعجون...مقال لجيل دولوز في يوم الأرض...



تقديم : نشر هذا المقال بجريدة "لوموند" الفرنسيّة في 7 أفريل     1978 تفاعلا من دولوز مع الاجتياح الصهيوني الواسع للبنان قبل ذلك ببضعة أسابيع، بتعلّة "الردّ" على قصف كومّاندو فلسطيني شمال تل أبيب. وقد تسبّب الاجتياح في مقتل المئات من اللاجئين الفلسطينيّين ومن اللبنانيّين وفي تهجير الآلاف من اللبنانيّين نحو بيروت. لكنّ هذا الاجتياح لم يتمكّن رغم ضراوته من تفكيك صفوف المقاتلين الفلسطينيّين.


المصدر : Gilles Deleuze, « Les gêneurs », in Deux régimes de fous, Minuit, 2003, pp 147-149    





كيف للفلسطينيّين أن يكونوا "طرفا جديرا بالمفاوضة" والحال أنّه ليس لهم بلد؟ وكيف يكون لهم بلد والحال أنّه انتزع منهم؟ لم يُعطَ لهم خيار آخر غير الاستسلام دون شروط. لم يُقترح عليهم سوى الموت. ففي الحرب التي يواجهون فيها الكيان الصّهيوني يُنظر إلى عمليّات الكيان الصّهيوني على أنّها ردود شرعيّة (حتّى وإن كانت غير متوازنة)، بينما يُنظر إلى عمليّات الفلسطينيّين على أنّها ليست سوى جرائم إرهابيّة. كما أنّ قتيلا عربيّا ليس له نفس القيمة أو نفس الوزن اللذين لقتيل صهيوني .


لم يكفّ الكيان الصّهيوني منذ 1969 عن قصف ودكّ جنوب لبنان. وقد اعترفت علنا بأنّ اجتياح لبنان مؤخّرا ليس ردّا على عمليّة "كومّاندو" تل الرّبيع (ثلاثون ألف جنديّ مقابل إحدى عشر إرهابيّا) وإنّما تتويجا مبرمجا سلفا لسلسلة كاملة من العمليّات التي تحتفظ لنفسها فيها بحقّ المبادرة. أمّا بالنسبة إلى "الحلّ النهائي" للمشكل الفلسطيني فإنّه يمكن للكيان الصّهيوني التعويل على التواطؤ شبه المجمع عليه من قبل باقي الدول، مع فويرقات وتحفّظات مختلفة. أمّا الفلسطينيّون الذين هم شعب بلا أرض ولا دولة فإنّهم ليسوا سوى مزعجين للجميع. فمع أنّهم يتلقّون الأسلحة والمال من بعض الدول، فإنّهم يعلمون ما يقولون إذ يصرّحون أنّهم وحدهم على نحو مطلق.


يقول المقاتلون الفلسطينيّون أيضا أنّهم أحرزوا أخيرا انتصارا ما. فهم لم يتركوا بجنوب لبنان إلاّ مجموعات من المقاومين اللذين يبدو أنّهم صمدوا على نحو جيّد. في المقابل ضرب الاجتياح الصّهيوني على نحو أعمى شعبا من المزارعين الفقراء. فقد تأكّد تدمير قرى ومدن وتقتيل مدنيّين. كما أشارت جهات عدّة إلى استعمال قنابل انشطاريّة. ولم يكفّ سكّان جنوب لبنان هؤلاء عن المغادرة والعودة، في حركة تهجير متّصلة، تحت ضربات الجيش الإسرائيلي التي لا نرى ما يميّزها عن أعمال إرهابيّة. يطبّق الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان الطريقة التي أثبتت فاعليّتها في الجليل وغيره من الأراضي في 1948 : إنّه يقوم بـ"فلَسْطنةِ" جنوب لبنان.


المقاتلون الفلسطينيّون منحدرون من اللاجئين. ويزعم الكيان الصّهيوني أنّه لا يمكنه هزيمة المقاتلين إلاّ عبر إيجاد آلاف من اللاجئين الآخرين الذين سينحدر منهم مقاتلون آخرون.


ليست علاقاتنا بلبنان التي تجعلنا نقول أنّ الكيان الصّهيوني يغتال بلدا هشّا ومعقّدا. ثمّة أيضا بعد آخر هو كون نموذج إسرائيل-فلسطين محدِّد بخصوص المشاكل الحاليّة المتعلّقة بالإرهاب حتّى في أوروبّا. فالتفاهم العالمي بين الدول وإعداد شرطة وتشريع دوليّين تفضي ضرورة إلى توسيع يتمّ بمقتضاه اعتبار مزيد فمزيد من الناس إرهابيّين محتملين. وهكذا نجد أنفسنا في وضع مشابه لوضع حرب إسبانيا عندما اعتمدت هذه الأخيرة مخبرا تجريب لمستقبل أشدّ فظاعة.


يقود الكيان الصّهيوني اليوم ذاك التجريب. إنّه يضبط نموذجا للقمع سيتمّ تسويقه في بلدان أخرى وأقلمته مع بلدان أخرى. ثمّة اتّصال كبير في سياستها. فالكيان الصّهيوني اعتبر دوما أنّ قرارات الأمم المتّحدة التي تدينها شفويّا تجعلها في الواقع على حقّ. وهي حوّلت دعوتها لإخلاء مناطق محتلّة إلى واجب إقامة مستوطنات فيها. كما إنّها تعتبر حاليّا أنّ إرسال قوّة دولية إلى جنوب لبنان أمر ممتاز...على شرط أن تتكفّل هذه الأخيرة بدلا عنها بتحويل المنطقة إلى مجال شرطة أو إلى صحراء مراقَبةً. إنّها لمساومة عجيبة لا يمكن للعالم كلّه الخروج منها إلاّ عبر الضغط الكافي من أجل أن يُعترف أخيرا بالفلسطينيّين بما هم عليه فعلا، أي بما هم "طرف جدير بالمفاوضة"، بما أنّهم يخوضون حربا ليسوا بالتأكيد مسئولين عنها.   

الخميس، 3 يوليو 2014

حوار شيق بين الحب والصداقة



الصداقة :: تردّ انا الاصل انا منبعك الاصيل
الحب :: انت ممر للوصول لى
الصداقة :: انا حقاًً ممر فانت من غيري لا تكون لكن انا من غيرك اكون
الحب :: انا الدفء
الصداقة :: انا الصدق
الحب :: انا الحلم
الصداقة :: انا الحقيقة
الحب :: من يكتب عنك
الصداقة :: كل من يعرفني
الحب :: انا احبتي حبيب وحبيبية
الصداقة ::انا الجميع احبتي لا افرق بين احد
الحب :: الصمت يحييني ويقتلك
الصداقة :: الكلام يعلو بي ويقتلك
الحب :: انا مشاعر طائرة بالسماء
الصداقة :: انا احاسيس ثابتة في الارض
الحب :: كل من لاقاك هجرك الى حضنى
الصداقة :: انا اوجدك انت لا توجدني فالحب يصير صداقة
ولكن هل يعود الحب صداقة ؟؟
الحب :: عمرك اقصر من عمري ايام وتتحولين الى حب
الصداقة :: تبقى لى ذكرى ترن في عالم النسيان
الحب :: انا املأ الوجود
الصداقة :: انت تملأ الوجود وتضيق بك القلوب
وانا يكفيني ان يكون لي في القلوب وجود ولا اموت
وانا وإن لم تصدقني اسأل احبتك حبيب وحبيبة لما يقتلوك في الهوى ؟؟
***الفرق بين الحب والصداقة***
بمعنى ... هل يمكن أن يكون الحبيب صديقا ً؟ والصديق حبيبا ً؟
الجواب هو نعم !
لكن الحب والصداقة يختلفان
وإليكم التفاصيل
الصداقة لاتنتهي ! فصديق اليوم قد يبقى صديق الغد
أما الحب فإنه عندما يرحل ! لا يعود
والذي نحبه مرة ثم ننساه ..لانحبه مرة أخرى
هكذا هي الصداقة ! شجرة صلبة
تمر بجميع الفصول وتبقى صامدة !
طالما هناك من يرويها
وهكذا هو الحب ! وردة محاطة بالأشواك
وردة لاتشرب إلا من الكأسين معاً
الصداقة يمكن أن تصبح حباً .. بل هي غالبا ما تبدأ كذلك
لكن الحب لايمكن أن يتحول إلى صداقة !
ولا يمكن أن يصبح الحبيب مجرد صديق
ومن نحبه ! نريده لنا وحدنا !
أما الصديق ! فهو للجميع
الصداقة درجات ! تبدأ من القاعدة وتنتهي عند القمة
تبدأ من الرقم ( 1 ) وتنتهي حيث اللانهاية
فقد تجد صديقا مقرباً ! وآخر اقل قرباً ! وثالثاً بالكاد تذكره
القريب اليوم قد يصبح بعيداً في الغد ! أو العكس
هذه الفرضيات لاتوجد في معادلة الحب
فالحب لا يتجزأ ! ولادرجات فيه
هو درجـة واحدة فقط
ولايقبل التحليق إلا عالياً
أو يرفض الإبحار
ولا يمكن ان تحـب انسانا ثم يقلّ حبك له
فالحب لايقبل أنصاف الحلول
إما ان يكون قوياً
أو ينتهي
إلى الأبد


الجمعة، 18 أبريل 2014

فضيحة قرار محكمة الإستئناف العسكريّة : إستكمال المسار الثوري أو قبره نهائيّا فلنواجه ظلم المحاكم بتفعيل العدالة الإنتقاليّة " جلبار نقّاش "


هم ليسوا مسؤولين أو بالكاد...
فلنكتم لبرهة الأحاسيس الفائضة التي إعترتنا عند النطق بالحكم في قضيّة الشّهداء و لنبتلع سخطنا و إستنكارنا و غضبنا ضدّ هذه "العدالة " الظالمة و كلّ من سهر على المهزلة وساهم في حصولها. إذ كان غرضهم الوحيد على مدى ثلاث سنوات تبرئة المسؤولين وربّما,لاحقا,أو هو قد حصل فعلا توجيه أصابع الإتّهام للضحايا,سواءا القتلى أو الجرحى أو عائلاتهم. هذه العائلات التي كان جرمها الوحيد أن تطالب بالإستماع إليها و لنخجل أخيرا من عجزنا و قلة تعبئتنا حول هذه القضيّة و تراخي حذرنا و إنشغالنا بهمومنا اليوميّة البعيدة كل البعد عن مطلب الحقيقة و العدالة التي من إنفكّ يطالب بها الضحايا و ذووهم في صراخ مكتوم .

و لنحاول أن نفهم كيف تلاشى كلّ أثر للقتلة المطلّين علينا في أزياء بوليسيّة تارة و تارة أخرى في أشباح أطلقنا عليها تسمية القناصة و إن لم يتحقّق لهم أي وجود مادّي و لم يقتلوا أحدا . كيف وقعت تبرئة غالبيّتهم ؟ أو الحكم المخفّف لبعضهم الآخر ؟ من المسؤول إذن ؟ وفقا لقضاة المحكمة العسكرية ، الذين إنكبّوا على التدقيق في الملفات التي مدّهم بها زملاء و أعوان المتهمين و رفضوا أية مكافحة بين المتهمين و القائمين بالدّعوى و الشاهدين على أعمال القتل،أما من مسؤول عمّا حصل ؟ لقد سقط الشهداء و الجرحى إستمتاعا و نكاية في هؤولاء المتّهمين – أصحاب الشّهامة – الذين كانوا يؤدّون واجبهم و لم يتجاوزوا أوامر بن علي الحريصة على إحترام حقوق الإنسانو لا أوامر رجالاته وتابعبه و إذا تعنّتنا في البحث عن المسؤول فسينتهي بنا الأمر إلى إتّهام الضحايا بالتقاتل في ما بينهم مما يحيلنا إلى رواية إستغلال الإضطرابات للتخفيف من وطأة المشاكل الديمغرافية بالبلاد . إضطرابات قلتم "اضطرابات" ؟ أي نعم , هاهو المسؤول ، إنه هنا صوب أعيننا فيما نوجّه التهمة لأشخاص نزهاء ! المسؤول هو الإضطراب و الفوضى , هذه الفوضى التي إختصّ بها شعب بنو هلال منذ فجر التاريخ بإنتفاضه على السلطة القانونيّة فلتذهب هذه الجماعات الهلاليّة – وهي ليست هلالية بما فيه الكفاية – إلى الجحيم و حتى لا نحمّلها وزرا ثقيلا و قد خصّتها العدالة العسكريّة بأحكام كريمة و لنكتفي بتركها راكدة في الخصاصة و الحاجة و التهميش . كم جميل أن ننظر من تحت لشهامة هؤولاء المتنفّذين القابعين خلف الزجاج الملوّن لسيّاراتهم الفارهة . لقد سبق لي أن قلت لنترك المشاعر جانبا و ها أنا مدفوع بالمشاعر ... فلنحاول مجدّدا عدالة إجتماعيّة من المتعارف عليه أنّه لا يمكن الحصول على حكم قضائي منصف حينما يرفع المتّهمون قراراتهم بالتّجاوزات التي مست الأشخاص غير المتساوين معهم لأقرانهم هكذا زمن حصل زمن الإحتلال حيث لم تصدر أيّ محكمة أحكاما قاسية على فرنسيّين قتلوا "السكّان الأصليّين " وكانت كلّ القضايا التي كان المتّهم فيها طرفا فرنسيّا كانت تعود بالنّظر إلى المحاكم الفرنسيّة التي لم يكن لحياة السكّان الأصليّين أيّة قيمة بنظرها . فلماذا حين يتعلّق الأمر بقضايا خطيرة تورّط فيها العسكريّون و قوّات القمع يترك الأمر لقضاة عسكريّين ليقرّروا الحكم على أساس الملفّات التي سلّمها لهم الأمنيّون ؟
وإذا كانت الإجابة على هذا السّؤال واضحة فيما يخصّ حكومات محمد الغنوشي والباجي قائد السّبسي التي كان هدفها تبرئة بن علي (و رجالاتهم ) و تشويه الثّورة فهي تصبح غير مقبولة من طرف حكومات الترويكا التي تركت الأمور على حالها .

صفقة,صفقات؟
كل الفرضيات مقبولة ، بما فيها فرضية وجود صفقة ، صريحة أو ضمنية ، بين الحكام السابقين و الطّامحين الجدد للمسك بزمام الحكم و الذين أمام عجزهم عن إحداث أيّ تغيير جذري ركنوا إلى إستعمال بقايا النظام السّابق ظانّين أنّ في ذلك مصلحتهم . بعد ذلك وقع جرّهم إلى التّصويت – المتأخّر و دون أيّ قناعة – على قانون العدالة الإنتقاليّة الذي كان تطبيقه كفيلا بإستبعاد القضاء العسكري و جهاز الأمن من فحص هذه القضايا.
فلِم هذا الإنطباع بأنه قد تم تأجيل العمل بقانون العدالة الإنتقالية حتى انتهاء المحاكم العسكرية من النّظر في قضايا الشهداء و الجرحى ؟ لِم هذا الشكّ الدائم لدى المواطن في أن الشهداء و الجرحى و عائلاتهم ليسوا سوى وقود صفقة بين أطراف طبقة سياسية لا رغبة لها في رؤية الثورة تشوّش عليهم إتمام صفقاتهم لمسك السلطة ؟ لم هذا الإحترام المتأخّروالمثير للشك لعدالة لم تتوان سابقا عن الإمتثال للأوامر ، بما فيها تلك التي أدانت "النهضاويين" ؟ هؤلاء الذين يمثّلون الوجه البارز لترويكا تزعم أنها تحترم إستقلال السلطة القضائيّة و رضوا في نفس الوقت بعدد من الأحكام الجائرة فقط لأنها تتماشى مع " نقاوتهم الأخلاقويّة"
فهل هدفهم فعلا هو إستقلال القضاء أم تحويل تبعيّته من فريق إلى فريق آخر ؟ أم هو الإفلات من العقاب جرّاء كل الإنتهاكات السابقة للقضاة الذين كانوا يمتثلون للأوامر أو لقيمة مبالغ الرشوة المدفوعة و زرع الأمل لديهم في أن آليات العدالة الإنتقالية لن تطالهم ؟

فليكن لأنه من حيث الأصل علينا البدء بتطهير جهاز القضاء الذي يتحمّل مسؤوليّة مباشرة في ترسيخ الجور و الظّلم في البلاد تفوق مسؤوليّة كلّ الأسلاك العموميّة بما فيها جهازي الأمن و الديوانة . و هذه المسألة أيضا من مشمولات العدالة الإنتقاليّة. كما علينا من هنا فصاعدا أن نقيّم أداء كلّ الفاعلين في المجال السياسي بناءا على مواقفهم من مسألة العدالة الإنتقاليّة . و إن أقرّينا بصعوبات اقتصاديّة حقيقيّة و عجز بائن  على مواجهتها برؤية جديدة هي عوائق بالغة التعقيد فذلك أيضا لأن السلطة تستمدّ قراءتها لها من نظرة مقاولي- زبائن بن علي و من مناهج و إملاءات صندوق النقد الدّولي و المؤسّسات الماليّة الدوليّة و ترفض قطعيّا قراءة هذه الوضعيّة من منظور الثورة. فالثورة لم تتناول المسألة الإقتصاديّة من منظور الربحيّة الصرفة بل من منظور خلق الثروات و توفير الشّغل و إعادة توزيع الموارد المتاحة . و فيما يخصّ إرساء آليّات العدالة الإنتقاليّة – و لاالمبادلاتيّة كما يذهب في إعتقاد البعض - و الشّروع في إعمال مقتضياتها. لم يعد هناك أيّ عذر للمماطلة .

علينا العمل بموجبها فورا بدءا بالمحاكمات الصّوريّة التي وقع النظر فيها إلى حدّ الآن . فالقانون المحدث للعدالة الإنتقاليّة لا تلزمه حجيّة الأحكام و القرارات الصادرة عن المحاكم العدليّة ولا العسكريّة فالمسألة واضحة لأنّ رهان العدالة الإنتقاليّة ليس فقط طيّ صفحة حالكة من تاريخنا , و إنّما إستكمال المسار الثوري لا دفنه . إنّ القرار الصّادر في 12 أفريل 2014 عن محكمة الإستئناف العسكريّة , بما حمل من رمزيّات هو خطوة خطيرة في المعركة الصّلفة التي يقودها أنصار الثورة المضادّة ضدّ هذا الشّعب . و لا أدلّ على ذلك من الطريقة التي تقبّلوا بها قرار المحكمة و عودتهم إلى الظّهور بشكل متواتر مدفوعين بالحرب التي يقودها العسكريّون في مصر ضدّ الإخوان المسلمين حيث نجح هؤولاء في إستغلال التحرّكات الشعبيّة لسحقهم و مواصلة القمع الممارس ضدّ الدّيمقراطيّين . و في تونس لم يعد أنصار الثورة المضادّة يخفون تطلّعهم للعودة إلى دفّة السلطة مدفوعين بنفس العزيمة و في الأثناء يقومون بإعادة تأهيل أتباع النظام السابق و زعيمهم , عرّاب المافيا التّونسية بن علي لذلك من الأوكد تفعيل آليّات العدالة الإنتقاليّة و تطبيقها على كلّ الذين ساهموا في القمع في ظلّ النظام السّابق و خاصة في فترة الحراك الثّوري و كلّ الفترات التي سبقته و لحقته ولا يمكن أن تستهدف هذه العدالة الفاعلين المباشرين للقمع فحسب , بل تتجاوزهم و تتعدّاهم لتشمل كلّ من إنتفع مادّيّا بشكل مجحف لقربه من دوائر الحكم ... فهؤلاء قد إستعادوا الثقة في قوّتهم ليواصلوا تطاولهم و صلفهم عبر تعطيل متعمّد للإتّفاقات المبرمة و يساهمون في تغذية الإضطرابات في الإنتاج ليٌلقٌوا بعد ذلك المسؤوليّة على الشغّالين و نقاباتهم . كما يجدر التّذكير بمحاولاتهم تعطيل الإصلاحات الجبائيّة المحتمشة التي قرّرتها الحكومة و التي كان من شأنها , لو طبّقت , أن تفضح رفضهم المخجل لواجب المساهمة في الإنفاق العمومي . و من الآن فصاعدا , ينبغي على المواطنين و المواطنات أن يٌعلنٌوا بوضوح رفضهم منح ثقتهم لمن لا يجعل تفعيل العدالة الإنتقاليّة على رأس أولويّاته. عليهم أن لا يٌدلوا بأصواتهم لمن يسمحٌ بشكل أو بآخر بعودة قوى الثورة المضادّة .

كفانا إذا من التسويات المهدورة مع قوى النظام السابق لأن المواطنين و المواطنات يريدون معرفة الحقيقة , كامل الحقيقة , حول تاريخ نهب البلاد من طرف نظام سياسي و حزبه و حلفائه و ينبغي أن لا نتستّر أيضا على أسماء من أغمضوا أعينهم على هذه الجرائم . ربّما يأتي وقت للصفح، لكن ليس قبل أن يتمّ الكشف عن الحقيقة و لا قبل أن تتمكّن عائلات الشهداء من نزع الحداد عنها و أن تتمّ معالجة جرحى الثورة و إعادة تأهيلهم  

 " جلبار نقّاش "



الاثنين، 31 مارس 2014

{{صرخة ألم أم صرخة ضمير}} رسالة فتاة سورية نازحة .



شكـــــــــــــراً لثورةٍ ما كانتْ يوماً بثائرةْ ... 

شكــــــــــــــراً لأنكم قصصتم فرحَ ضفائري ... 

و ربطتم عقدةَ الرقصِ عند الخاصرةْ .. 

و رقصتُ لكم في عمان ... 

و في لبنان ... 

و رقصتُ حتى البكاءِ في القاهرةْ .. 

شكــــــــــراً لأنكم زوجتوني شيوخَ العربِ ... 

والأعرابُ إعتادوا إغتصابَ القاصرةْ ... 

شكـــــــــــــراً لسكينِ طعنِ العروبةِ ... 

فقد كانت الطعنةُ جداً غائرةْ ...

شكـــــــــــــراً لكم و لدينكم ...

و لكـــــل ما فيكم من شهامةِ العربِ .. 

و شكـــــــــــــراً للعروبةِ الفاجرةْ .. 

شكـــــــــــــراً لكم و بفضلكم .. 

من قبلِ أنْ أعرفَ الحيضَ .. 

صاروا ينادونني بالعاهرةْ ... 

شكـــــــــــــراً لـــــــــــــــــــكم

بحر لاواديسا

الجمعة، 21 مارس 2014

قصة الفلسفة الغربية: جدلية هيجل محمد زكريا توفيق

ولد جورج فيلهيلم فريدريش هيجل (1770-1831م)، بمدينة اشتوتجارت بألمانيا. في نفس العام الذي ولد فيه الموسيقار الألماني بيتهوفن والشاعر الإنجليزي الرومانسي وردزورث. كان الأخ الأكبر لثلاثة أولاد في أسرة متوسطة. جذور عائلته نمساوية بروستانتية.

هاجرت الأسرة مثل غيرها من الأسر في القرن السادس عشر إلى ألمانيا، هربا من إضطهاد الكاثوليك للبروستانت. كان والد هيجل، موظفا حكوميا صغيرا. وكانت أمه شديدة الذكاء، محبة للتعلم على عكس نساء عصرها.

دخل هيجل المدرسة الأولية، وكانت والدته تشرف بنفسها على هذه المرحلة. ألحِق سنة 1775م بالمدرسة الرومانية. ثم ذهب إلى المدرسة الدينية الثانوية بمدينة اشتوتجارت سنة 1780م، لمدة احد عشر عاما.

أثناء هذه الفترة، توفت أمه سنة 1783م. وشرع في كتابة مذكرات بعنوان "حوار بين أوكتاف وأنطوان وليبيدوس" سنة 1785م، وكتاب بعنوان "الديانة لدي الإغريق والرومان" سنة 1787م.

نال هيجل دبلوم الدراسة الثانوية سنة 1788م، ثم التحق بالمعهد الأسقفي في توبينجين لدراسة البروتستانتية بمنحة حكومية. وفي نفس العام، انجز بحثا عن "بعض الفوارق والإختلافات بين الشعراء القدماء والمحدثين".

حصل هيجل على شهادة التعليم الفلسفي من المعهد الأسقفي سنة 1790م. لكنه قرر سنة 1793م، التخلي عن عمله كقسيس، وممارسة التعليم في مدينة بيرن. أثناء هذه المدة، كان زميله في السكن الجامعي هولديرلين، الذي أصبح فيما بعد، شاعر ألمانيا العظيم. وكذلك فيلسوف المستقبل شيلنج.

بعد ذلك، مرت بهيجل فترة عصيبة، امتدت لسنوات عديدة. كان يكافح فيها للحصول على لقمة العيش واستكمال نظريته الفلسفية. أول وظيفة أكاديمية كمدرس فلسفة، كانت في جامعة جينا من 1801م إلى 1807م. بدأ بالعمل كأستاذ غير متفرغ. يحصل على أجره من الطلبة الذين يحضرون محاضراته.

خلال هذه الفترة من القرن الثامن عشر، كانت هناك أحداث هائلة تمر بها القارة الأوروبية وأمريكا. العالِم المشهور "وات" يقوم بإستغلال البخار في الصناعة لأول مرة عام 1775م. الولايات المتحدة تعلن استقلالها عام 1776م. في نفس العام، يصدر كتاب أدم سميث "بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم"، المعروف بالإسم المختصر "ثروة الأمم". جيبون، ينشر كتابه "انحلال وسقوط الإمبراطورية الرومانية".

في عام 1778م، يموت جان جاك روسو. وينشر الفليسوف كانط كتابه "نقد العقل المحض" سنة 1781م. وفي نفس العام، تصدر مسرحية "اللصوص" لشيلر. وفي عام 1783م، ينجح لافوازيه في تحليل الماء. ويتم صهر الحديد وتشكيله بنجاح.

في عام 1785م، أقيم أول مصنع نسيج في العالم بإستخدام البخار. وفي عام 1789م، هبت الثورة الفرنسية، واحتل الثوار سجن الباستيل. وتم اعلان حقوق الإنسان والمواطن. وظهر كتاب بنتام "مبادئ الأخلاق والتشريع". وفي عام 1790م، ظهر كتاب "نقد ملكة الحكم" للفليسوف كانط.

في عام 1792م، ظهر كتاب فيشته عن "نقد الوحي بكل صوره". وفي عام 1793م، ظهر كتابه عن "اسهامات في الثورة الفرنسية". في نفس العام، تم اعدام لويس السادس عشر، واختراع آلة حلج الأقطان.

في أكتوبر عام 1806م، سقطت مدينة جينا في يد نابليون بونابرت، واقتحم جنود بونابرت منزل هيجل. إلا أنه تحت هذه الظروف، أمكنه استكمال كتابه "ظاهريات الروح". وهو أعظم ما كتب في هذا الموضوع في الحضارة الغربية. لكنه صعب الفهم. من المستحيل استيعاب بعض أجزائه.

هذا ما كان يدور في العالم الغربي. فماذا كان يدور ياترى في عالمنا الشرقي. ولنأخذ مصر على سبيل المثال. فقد كانت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت تحتل مصر منذ عام 1798م. في نفس العام الذي جاءت فيه الحملة، خرج الجبرتي في 5 ديسمبر ليشاهد ما يفعله الفرنسيون لشق طرق حديثة في قلب العاصمة. فكتب لنا ما يلي:

"فعلوا هذا الشغل الكبير والفعل العظيم في أقرب زمن. كانوا يستعينون في الأشغال وسرعة العمل بالآلات القريبة المأخذ السهلة التناول، المساعدة في العمل وقلة التكلفة. كانوا يجعلون بدل الغلقان والقصاع، عربات صغيرة. يداها الخشبيتان ممتدتان من الخلف، يملؤها الفاعل ترابا أو طينا أو حجارة من مقدمها بسهولة. بحيث تسع مقدار خمسة غلقان.

ثم يقبض بيديه على خشبتيها المذكورتين، ويدفعها أمامه فتجري على عجلتها بأدنى مساعدة. إلى محل العمل. فيميلها بإحدى يديه، ويفرغ ما فيها من غير تعب ولا مشقة. كذلك لهم فؤوس محكمة الصنعة، متقنة الوضع. غالبا الصناع من جنسهم، لا يقطعون الأحجار والأخشاب إلا بالطرق الهندسية. على الزوايا القائمة والخطوط المستقيمة."

هكذا كانت تعيش مصر وباقى البلدان العربية، كما يقول كاتبنا الكبير المرحوم يحى حقي، في عالمها المقفل . إلى درجة أن عربة نقل صغيرة بعجلة أمامية واحدة، بدت للجبرتي كأنها معجزة شيطانية.

عندما ذهب الجبرتي في اليوم نفسه، إلى المجمع العلمي الفرنسي بالقاهرة، وشاهد مكتبته، وحضر بعض التجارب الكيميائية والفيزيائية، التي هي أشبه بألعاب السحر في السيرك، كتب لنا ما يلي:

"من أغرب ما رأيته في ذلك المكان، أن بعض المقيمين به، أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوع فيها بعض المياة المستخرجة. فصب منها شيئا في كأس. ثم صب عليها شيئا من زجاجة أخرى. فغلي الماءان، وصعد منهما دخان ملون، حتى إنقطع وجف ما في الكأس، وصار حجرا أصفر يابسا. أخذناه بأيدينا ونظرناه.

ثم فعل كذلك بمياة أخرى. فجمد حجرا أزرق, وبأخرى، فجمد حجرا أحمر ياقوتيا...وأخذ مرة زجاجة فارغة مستطيلة، في مقدار الشبر، ضيقة الفم. فغمسها في ماء قراح. وأدخل معها أخرى على غير هيئتها. وأنزلهما في الماء. وأتى آخر بفتيلة مشتعلة. وقربها من فم الزجاجة. فخرج ما فيها من هواء محبوس، وفرقع بصوت هائل. وغير ذلك، من أمور كثيرة، وبراهين حكيمة. تتولد من اجتماع العناصر وملاقاة الطبائع."

ويقول الرافعي عن الحالة الإقتصادية: " لقد أهمل الولاة العثمانيون والبكوات المماليك، أمر الري وتوزيع المياة وإقامة القناطر والجسور وحفظ الأمن. فجفت الترع، وتلفت الأراضي، وتعطلت الزراعة، وفقد الأمن، وذهبت ثروة البلاد، وهاجر الكثير من سكان القطر إلى البلاد المجاورة.

اضمحلت الصناعات والفنون، التي كانت تزدان بها في سالف العصور. وبدأت في الإضمحلال، بعد الفتح العثماني مباشرة. بسبب اضطراب الأحوال، وكثرة الفتن، وفقد الأمن، والإسراف في السلب والنهب. وكانت مصادرة أموال التجار، من أهم أسباب ركود الحركة التجارية. فاختفت رؤوس الأموال من أيدي الأهالي. وغلب عليهم الفقر. وصار الشعب إلى حالة محزنة من الضنك والفاقة."

وعن حالة المدارس، كتب على باشا مبارك : " أهمل أمر المدارس، وامتدت أيدي الأطماع إلى أوقافها. وتصرف فيها النظار على خلاف شروط وقفها. وامتنع الصرف على المدرسين والطلبة والخدمة. فأخذوا مفارقتها. وصار ذلك يزيد عاما بعد عام. حتي انقطع التدريس فيها بالكلية. وبيعت كتبها وانتهبت.

ثم أخذت تتشعب وتتخرب من عدم الإلتفات إلى عمارتها ومرمتها. فامتدت أيدي الناس والظلمة إلى بيع رخامها وأبوابها وشبابيكها. حتى آل بعض تلك المدارس الفخمة والمباني الجليلة، إلى زاوية صغيرة. تراها مغلقة في أغلب الأيام. وبعضها زال بالكلية وصار زريبة أو حوشا أو غير ذلك. ولله عاقبة الأمور."

لقد أردت أن أسهب عن قصد في المقارنة بين حال الغرب وحال الشرق ممثلا في الحالة المصرية، أيام هيجل. حتى نفهم، لماذا تطور الفكر الغربي وظهرت به هذه الحركات السياسية والفلسفية والثقافية والفكرية العظيمة. بينما كان الشرق ولايزال، يغط في سبات عميق. مكبلا بالفكر السلفي المتطرف والتخلف الشديد. الذي يحارب العقل والعلم والثقافة والفلسفة والفنون والآداب. مما أصبح يهدد، للأسف، وجودنا ووجود الدين الإسلامي نفسه.

ما هي المدارس الفلسفية التي كانت معروفة أيام هيجل. لقد كانت توجد الفلسفة العقلانية الفرنسية يتزعمها ديكارت، والفلسفة التجريبية الإنجليزية يتزعمها هيوم. والفلسفة الألمانية، التي تزاوج بينهما، لكانط. وكانت توجد أيضا حركة فكرية جديدة توصف بالرومانسية الألمانية.

لكن، ما هي الرومانسية الألمانية؟ الرومانسية الألمانية، لم تكن حركة جديدة في عالم السياسة ونظم الحكم، بقدر ما كانت حركة ثورية في عالم الأدب، والفلسفة والفنون التشكيلية والموسيقى والشعر.

لقد كانت طريقة جديدة للنظر إلى هذا العالم، نتج عنها طاقة إبداع خلاقة، تأثر بها المثقفون والفنانون الألمان. وجعلتهم يرفضون فلسفة التنوير التي تنحصر وتلتزم بالعقل فقط، وبالعلوم الرياضية وعلوم المنطق والقوانين العلمية.

فلسفة الأنوار، حسب رأي الرومانسيين، خُدعت بالتقدم الكبير المادي الذي أحرزته البشرية بتوظيفها للعلوم الحديثة في الصناعة والفلك والكيمياء، مثل قوانين نيوتن وكبلر وغيرها.

لكن ما هو البديل الذي يقدمه الرومانسيون لفلسفة الأنوار؟ البداية جاءت مع فلسفة كانط. كانط يقول أننا غير قادرين على معرفة كل الحقيقة. لأن معرفتنا محدودة بقدرات حواسنا. هناك حقيقة عليا، يعجز العقل عن إدراكها.

كيف الوصول إلى هذه الحقيقة العليا التي لا أستطيع إدراكها بالعقل وحده؟ يجيب الرومانسيون، بالنظر داخل أغوار النفس. لن تجد الحقيقة في العالم الخارجي، الذي يعتمد وجوده على الحواس. إنما الحقيقة والحقيقة العليا، نجدهما في الداخل. داخل النفس. نحن هنا نشم رائحة أفلوطين وإخوان الصفا ومشايخ الطرق الصوفية.

داخل أغوار النفس، يمكن الله ومعرفة الحقيقة ومعرفة سبب وجود الإنسان على هذه الأرض. وليس بالنظر إلى العالم الخارجي عن طريق العلوم والمنطق والفيزياء. إذا نظرت من الشباك، فلن تجد الحقيقة التي تبحث عنها.

مثل الوجوديين الفرنسيين في القرن العشرين، إستخدم الرومانسيون الألمان الأدب والرواية والشعر والدراما والمقالة والقصة القصيرة والموسيقى والشعر، للتعبير عن أغوار النفس الداخلية والشعور الإنساني، وشجب أي فلسفة أخري، تهمل التأمل في أغوار النفس البشرية.

العلوم الحديثة، لم تنجح في كشف كل خبايا النفس البشرية. العالم لا يزال يكتنفه كثيرا من الغموض. التخاطب عن بعد. والأحلام التي تتحقق بالضبط. والنبوءات التي تصدق. والتجارب الخاصة التي يمر بها بعض الأفراد. وقراءة الأفكار بدون كلام. والوقوع في الحب. وموضوع الروح والحياة الأخري والله والملائكة والشياطين...الخ.

لذلك بحث الرومانسيون عن فلسفة تجيب على كل هذه الأسئلة. لكي نفهم هذا العالم ونجيب على هذه الأسئلة، علينا أن نلجأ إلى التجربة الروحية. ولا نعتمد فقط على التجربة الحسية والقراءات التي تدونها أجهزتنا وحواسنا. والتي تعتمد على التحليل العقلي والإستنتاج.

يجب علينا استكشاف الجانب المعتم والمناطق الغير معروفة داخل نفوسنا. ومعرفة أسرار مناطق الشعور والخيال. علينا أن نكتشف روح الإنسان والطريقة التي تتعامل بها مع هذا العالم، والمجتمع والتاريخ والله. على الفليسوف ألا يتقيد بالحدود الضيقة للعلوم والمنطق، ويبحث عن الزهرة الزرقاء التي جاءت في شعر "نوفاليس". والتي عبر بها عن الحنين لحب الجمال بدون حدود.

بالنسبة للرومانسيين، الحقيقة العليا وطبيعة الإنسان، لا تعتمد على الحجة والعقلانية فقط، ولكن أيضا على إرادة الفرد. إرادة الفرد، تتشوق إلى تحقيق الذات.

إرادة الفرد، تبحث عن الكمال. تحاول الوصول إليه عن طريق التجربة الخاصة والتجربة الروحية، أو عن طريق أحداث التاريخ وحركة الثقافة والفكر. تكافح بإستمرار مثل شخصية "فاوست" في مسرحية جوته. دافعها الوحيد، الرغبة العارمة للوصول للحقيقة. مما جعله يبيع روحه للشيطان، ثمنا لذلك.

يقول الرومانسيون، أن الأشياء الحقيقية، هي في الواقع أشياء روحية. وليست مادية، كما يقول فلاسفة التنوير. الطبيعة، في أدب الرومانسيين، أشياء روحية. الطبيعة ليست ساعة كبيرة ميكانيكية. تعمل بقوانين نيوتن. لكنها شئ حي ينبض بالحياة، له إرادة.

الطبيعة هي أعظم معلم. التقارب مع الطبيعة، يؤدي إلى الحكمة والسعادة. وهذه رسالة الشاعر الإنجليزي الرومانسي وردزورث، عندما قال ما معناه:
" إن نبضة واحدة من غابة ربيعية
كفيلة بأن تعلمنا عن الإنسان
وعن الخير والشر
أضعاف ما يعلمنا إياه الحكماء كافة"

لقد كان وردزورث، يعتقد بأن الحكمة، لا تأتي عن طريق القراءة والدراسة والشهادات العلمية، لكن عن طريق الإقتراب والإرتماء في أحضان الطبيعة. ويقول شاعرنا العظيم جبران خليل جبران في نفس المعنى:

أعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود
وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود
هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي وتسلقت الصخور
هل تحممت بعطر وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرا في كؤوس من أثير
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب
والعناقيد تدلت كثريات الذهب
هل فرشت العشب ليلا وتلحفت الفضاء
زاهدا في ما سيأتي ناسيا ما قد مضى
اعطني الناي وغني وانسى داء ودواء
أنما الناس سطور كتبت لكن بماء

بالنسبة لفلاسفة عصر التنوير، الله هو المهندس المصمم لهذا العالم كآلة ميكانيكية. لكن بالنسبة للرومانسيين، الله هو روح هذا العالم. لا يوجد خارجه، ولكن يوجد في كل مكان.

الموضوع الأخير بالنسبة للرومانسية، هو إيمانها بالإستقطاب. كل الأمور، لها وجه مقابل، أو وجه آخر. أي تجربة يمر بها الرومانسي، لها وجهان. لو كانت كل الأمور لها وجه واحد، لأصبحت الأمور جامدة صلبة قاسية. ويصبح الإنسان أسير أفكاره.

هذه مشكلة الفكر المتعصب. لا يعترف برأي الآخر. لذلك، يصبح المتعصب أسير أفكاره. الرومانسية تحارب أحادية التفكير. حتي لا يصبح الفرد، عبدا لما يعتقد. أو كما قال فاوست: "طالما أنا ساكن راكد، فأنا مستعبد". ولقد قال الإمام الشافعي في مثل هذا المعنى: "رأي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".

عندما دخل هيجل المعهد الديني في توبينجين لدراسة الفلسفة والدين لمدة خمس سنوات. كانت أفكار الرومانسيين في كل مكان. فأي الأفكار الفلسفية الموجودة لها التأثير القوي على هيجل؟

هل هي الفلسفة الرومانسية، التي تؤمن بالروح والإرادة والتعدد؟ أم الفلسفة العقلانية أم التجريبية، التي تؤمن كل منها بالعلوم والتقدم والحقوق الطبيعية للإنسان؟ أم فلسفة كانط التي هي مزج بين العقلانية والتجريبية؟ الإجابة هي: لقد تأثر هيجل بكل هذه الفلسفات مجتمعة.

لقد تأثر هيجل بالرومانسية، بالرغم من هجومه عليها في بعض الأحيان. لقد كان يبحث هيجل عن فلسفة غير مقيدة بحدود. تشمل كل تجارب الإنسان وخبراته. تدمج كل المعارف: علوم وتاريخ ودين وسياسة وفن وأدب وموسيقى وشعر.

كيف نجمع كل هذه الخبرات في نظام فلسفي واحد؟ وكيف نضعها كلها في نظرية منطقية واحدة بدون تعارض؟ لقد فعل ذلك، عن طريق مفهوم العقل المطلق أو الروح.

كيف يجمع هيجل كل هذه الخبرات، بما فيها من تناقض وتوتر وتشاحن وتمازج وتجديد وتدمير وإبداع. كيف نضع كل ذلك في سياق وحدة عقلانية شاملة؟ لقد فعل ذلك عن طريق نظريته في "الجدلية".

لكن، هذه الفلسفة الشاملة التي تبغي فهم الحقيقة، هي فلسفة ميتافيزيقية. هنا نجد هيجل قد وقع في مشكلة. هل الميتافيزيقا لا تزال ممكنة؟ التجريبيون، بدأً من جون لوك، كان موقفهم صعب بالنسبة للأمور الميتافيزيقية.

الميتافيزيقا تفسر معني الوجود والمادة، ولكن كما يقول لوك، هل لدينا دليل أو تجارب عملية تثبت حقيقة هذه القضايا الميتافيزيقية؟ وهل عقل الإنسان قادر على فهم الحقيقة العليا، أو استدراك مثل هذه الأمور؟

كانت نصيحة جون لوك لباقي الفلاسفة: "لا تحاولوا بناء صرح كبير ميتافيزيقي" يكفيكم، تنقية الميتافيزيقا القديمة من الشوائب والتلوث.

قام دافيد هيوم التجريبي أيضا، بمهاجمة الميتافيزيقا. الميتافيزيقا بالنسبة لهيوم، عديمة الفائدة، ومسألة تضييع وقت. لأنها ببساطة مسائل لا تدركها الحواس، ولا تخضع للتجربة. الميتافيزيقا تبحث في أشياء خارج نطاق الحواس، مجرد وهم. لذلك فهي غير ممكنة، ويجب التخلص منها وإلقاؤها في النار.

ثم تذهب الفلسفة الغربية إلى كانط، الذي يجاهد ضد التجريبيين. ويدافع عن صحة العلوم. لكن دفاع كانط عن العلوم، لم يكن بالمجان. الثمن هو أننا لا يمكننا أن نعرف حقيقة الأشياء ولكن ظاهرها فقط.

نحن يمكننا معرفة العالم الخارجي الذي يأتي إلى عقولنا. من خلال نظارة المكان والزمان وفئات أو برامج الفهم الموجودة داخل عقولنا. الميتافيزيقا هنا، هي محاولة معرفة الأشياء على حقيقتها. وهذا شئ مستحيل من وجهة نظر كانط. معرفة الحقيقة، غير معروفة لنا.

لكن الميتافيزيقا بالنسبة لهيجل ممكنة. لقد أخذ هيجل من كانط، كون المعرفة تأتي عن طريق العقل، عن طريق نظارة المكان والزمان وفئات أو برامج الفهم. لكن هيجل له ثلاث إعتراضات علي نظرية كانط في المعرفة.

الإعتراض الأول، هو أن برامج الفهم محدودة عند كانط، لكنها غير محدودة عند هيجل. الإعتراض الثاني، هو أن برامج الفهم هذه، لا تقتصر على الحواس فقط كما يقول كانط. الإعتراض الثالث، هو أن المعرفة ليست ظاهرية، كما يقول كانط. لقد أراد هيجل مزج أفكار كانط بأفكار الرومانسيين، حتي يتخطى حدود المعرفة التي وضعها كانط فيي فلسفته.

لكن، ما هي نظرية هيجل الجديدة عن الحقيقة؟ لقد وجد هيجل طريقة يجمع بها ثقافة الإنسان وكل علومه وتجاربه الروحية المترامية من فنون وآداب ودين وسياسة وتاريخ، بالإضافة إلى تجاربه الشخصية، في نظرية واحدة. هذه النظرية، توحد كل المعرفة في عقل مطلق أو روح سرمدية أو الله، هي بمثابة الحقيقة العليا.

الحقيقة هنا، مفهوم عام شامل معقد، لمفاهيم عقلية تكوّن العقل المطلق أو الله. الحقيقة عقلانية، والعقلانية حقيقة. الحقيقي هنا حسب كلام هيجل، هو كل ما يدركه العقل، وليس كل ما تدركه الحواس، كما يقول التتجريبيون. وأيضا، كل شئ صادق، يمكن للعقل أن يدركه.

نظرية هيجل عن الحقيقة، هي نظرية ميتافيزيقية تسمى المثالية المجردة. المثالية بصفة عامة، هي إسم لنوع من الميتافيزيقيا، يقول بأن الحقيقة لها خواص عقلانية ومنطقية وروحية.

الحقيقة هي هذا التركيب العام للمفاهيم العقلانية. أي التي يمكن أن يدركها العقل. مثل أفلاطون، يقول هيجل، أن ما يفهم بالعقل والتصورات والأفكار هي الحقيقة. الله عند هيجل، هو الحقيقة العليا والصدق. يتجلى لعقولنا المحدودة خلال كل مجالات المعرفة وتجاربنا المختلفة.

ما هو الوجود؟ أي ما هي الأشياء الحقيقية الموجودة في هذا العالم، من مادة وخلايا ومجتمعات...إلخ؟ هل هذه الصور من الوجود كلها، لها وجود حقيقي؟ بالنسبة لهيجل، العقلاني، أي الذي يدركه العقل فقط هو الحقيقي.

الشئ الحقيقي لا يختلف عن الشئ الموجود. هو نفس الشئ. الفرق بين الحقيقي والموجود، هو أن الموجود أكثر فهما بالنسبة لنا. المثالية المطلقة لهيجل، تخترق هذا الوجود لكي تجد العقلانية والصدق.

هنا يمكننا أن نري الفرق بين مفهوم المُثُل أو الأفكار عند أفلاطون، ومفهوم التصورات عند هيجل. عند أفلاطون، الأفكار توجد مستقلة عن الشخص أو الوجود. وهذا يشكل مشكلة بالنسبة لفلسفة أفلاطون. بالنسبة لهيجل، مفهوم التصورات العقلانية، لا ينفصل عن الوجود وعالم الأشياء.

يختلف هيجل عن هيوم وكانط، في أن الحقيقة يمكن معرفتها والوصول إليها. بالنسبة لهيجل، كل شئ موجود هو عقلاني. وهذا يعني أن كل شئ له تركيبة عقلانية يمكن للعقل البشري أن يستوعبها. كل خبرات الإنسان وتجاربة يمكن إستيعابها وفهمها.

العقل المطلق، عبارة عن توحيد شامل لكل الحقائق العقلانية. يشمل كل التجارب والخبرات. ويقوم بترتيبها في وحدة مترابطة.

وظيفة الميتافيزيقا هي توضيح المكونات المختلفة للحقيقة، ومعرفة حدودها وتداخلها، داخل الوحدة الشاملة للحقائق العقلانية. العقل المطلق، كما يقول هيجل، هو الحقيقة الواحدة التي تبدو صورها المختلفة لنا في كل مجالات التجارب البشرية.

الصور المختلفة لهذه الحقيقة، تظهر لنا كتجارب مختلفة للإنسان. تظهر في علوم المنطق والعلوم الطبيعية وعلم النفس والعلوم السياسية والتاريخ والفلسفة والمسرح والموسيقى والشعر...إلخ. نحن نفهم الفيزياء والفلسفة والفنون وعلم النفس وغيرها، كمفاهيم مختلفة في كل مجال.

كل مجال من هذه المجالات، يظهر جانب أو جزء من جوانب الحقيقة. الفيزياء مثلا، تظهر جانب مهم من الحقيقة. لكنه جانب واحد. وهذا ما يقوله الرومانسيون. وظيفة الميتافيزيقا هي إظهار كل جوانب وسمات الحقيقة. هذا هو معنى الحقيقة عند هيجل. هذه الحقيقة التي تمثل الصدق الكامل. مجرد تركيب كلي لأجزاء متفرقة.

سنقوم الآن بمناقشة النظرية الجدلية الهامة لهيجل.

"الجدلية"، هي فكر فلسفي قديم. أول ظهورها أيام الإغريق، 500 سنة قبل سقراط. حيث كانت نظرية العناصر الأربعة المتعارضة، الماء والهواء والنار والتراب، تكون العالم الحقيقي الذي ندركه.

جاء هيروقليطس، بعد ذلك، ليقول أن كل شئ يتشوق للتحول إلى نقيضه. وسقراط نفسه، لجأ إلى الجدلية في مجادلاته مع معارضيه لكي يوقعهم في التعارض. ثم يقوم سقراط بحل التعارض ليستخرج منه التعاريف الدقيقة.

في جمهورية أفلاطون، أعلى مراحل المعرفة، هي المرحلة التي نتغلب فيها على التعارض. هي المرحلة، التي تطضح فيها المُثُل أو الأفكار، وتعرف بمضامينها الحقيقية، وبالنسبة لعلاقة كل منها بالآخر، وعلاقة كل منها بالله.

لقد قام هيجل بدمج أفكار هيروقليطس وسقراط وأفلاطون في نظريته عن الجدلية. وقدم لنا نظرية طموحة متكاملة عظيمة جبارة.

ماذا يعني هيجل بالجدلية؟ الجدلية عند هيجل هي مجرد توحيد للعناصر المتعارضة. مثل الحكومات الإئتلافية. فهي أيضا، تتكون من أحزاب متعارضة الأفكار.

كل مفهوم نفكر فيه، يبدي لنا حدوده وإمكاناته المتواضعة. هذا يقودنا إلى الضد. وهذا يقودنا إلى تعارض واستقطاب الأفكار.

هيروقليطس في الزمن القديم كان يقول بأن كل شئ في تغير مستمر. هذه الفكرة بدأت تظهر عيوبها. مما أدى إلى ظهور فكرة معارضة للفيلسوف الإغريقي بارمنيدس. التي تقول بأن كل شئ ثابت لا يتغير.

مقولة هيروقليطس أسماها هيجل "الطريحة" أو "الفرضية" أو الرأي الذي لم يثبت بعد (
Thesis). فكرة بارمنيدس التي ظهرت من التناقض، أسماها هيجل "النقيضة" أي "التناقض" (Antithesis). الصراع بين "الطريحة" و"النقيضة"، يمكن التغلب عليه، حسب رأي هيجل.

ينتج من ذلك، مفهوم جديد يقوم بحل التعارض. ويأخذ من الأفكار المتصارعة أفضل ما فيها. هذه الفكرة الوليدة، أسماها هيجل "الجميعة" أو "التركيبة" (
Synthesis).

فلسفة أفلاطون، تعطينا "الجميعة"، التي تجمع بين "طريحة" هيروقليطس و"نقيضة" بارمنيدس. لقد احتفظ أفلاطون بفكرة التغير، لكنه قصرها على العالم المحسوس. وقام أفلاطون في نفس الوقت، بالإحتفاظ بفكرة بارمنيدس الخاصة بعدم التغيير. لكن أفلاطون قصرها على عالم الفكر.

لقد قام أفلاطون بمزج الأفكار المتصارعة وخرج منها بفكر يجمع أفضل ما فيها. كما يقول قيس بن الملوّح، شهيد الغرام:
"وقد يجمع الله الشتيتين بعدما – يظنان كل الظن أن لا تلاقيا". ولو استبدل ابن الملوح كلمة الشتيتين بالنقيضين، لسبق هيجل في التوصل إلى الجدلية.

جدلية هيجل تحدث على ثلاث مراحل. لذلك توصف بالثلاثية. وهي تختلف عن ثلاثية نجيب محفوظ وبطلها السيد عبد الجواد. تنتقل من المرحلة الأولى "الطريحة"، إلى المرحلة الثانية "النقيضة" التي تنفي وتضاد وتعارض صحة المرحلة الأولي. هذا التعارض، ينشأ عنه المرحلة الثالثة "الجميعة"، وهي مرحلة التصالح والتسامي. مرحلة صدق أعلى وأسمى وأرقى من كلا من المرحلتين السابقتين.

المرحلة الثالثة "الجميعة"، لها ثلاث خواص:
1- تستطيع أن تنهي التصادم والتشاحن بين "الطريحة" والنقيضة"
2- تبقي على أفضل ما في "الطريحة" و"النقيضة" من خصال.
3- تتغلب على التناقض وتسمو بالصراع إلى حالة أرقى وأفضل.

هذه الخطوات الثلاث في جدلية هيجل، لا تقتصر على تاريخ الفلسفة، كما بينا سابقا بالنسبة لأفكار هيروقليطس وبارمينيدس وأفلاطون. لكنها، كما يقول هيجل، بمثابة الإيقاع والنغم للحقيقة وكل ما نعرف.

المعلومات التي ننشدها بتجاربنا ودراساتنا وعلومنا، ليست معلومات جامدة وساكنة وثابتة. لكنها تنتقل بإستمرار من الفروض إلى النقائض إلى حقائق جديدة.

العقل المطلق، الذي يشمل كل هذه الحقائق، عبارة عن حركة ديناميكية. تُظهر لنا الحقائق والصدق بأسلوب جدلي. الحقيقة لا تظهر لعقولنا المحدودة مرة واحدة، ولكن خطوة خطوة. أو كما تقول الفلاحة المصرية لإبنها الذي يتعلم المشي: "تاتا تاتا، خطي العتبة تاتا". تاتا كلمة فرعونية قديمة، تعني إمشي.

إذا قارنا نظرية هيجل الجدلية بكلام أفلاطون، فسوف نجد خلافا بينا. بالنسبة لأفلاطون، الهدف من الإرتقاء بالمعرفة، هو التخلص من التناقضات والتعارض.

لكن بالنسبة لهيجل، التعارض دائما موجود ومستمر. خلق التعارض بين الأضداد، هو طبيعة الفكر العقلاني، وبالتالي هو الحقيقة نفسها.

جدلية أفلاطون، ينتج عنها المعرفة والحقائق الصادقة الجامدة الثابتة. لكن جدلية هيجل تقول بأن المعرفة والحقائق، ديناميكية متغيرة.

بالرغم من وجود فروق جوهرية بين جدلية أفلاطون وجدلية هيجل، إلا أنه لا يزال هناك تشابه بين الجدليتين. كلاهما يتصاعد بجدليته من معرفة دنيا إلى معرفة أسمى وأرقى. وكلاهما يرى الحقيقة تتخطى حدود الحواس والأسلوب العلمي المعروف. وكلاهما استخدم الجدلية لبناء نظام فلسفى متكامل.

الجدلية تفسر الوجود بأنه "الطريحة"، والعدم بأنه "النقيضة". ومن التعارض بين الوجود والعدم، يأتي كل شئ في هذا الكون.

الجدلية هي خاصية من خواص الحقيقة نفسها وطريقة العقل الإنساني المحدود لفهمها. تتناغم مع كل الفكر الإنساني وحركة التاريخ، وأسلوب لفهم كلاهما.


الأحد، 16 مارس 2014

النانو- قياس ما لا يقاس

يعتبر بعض الناس القرن الواحد والعشرين قرن التقنيات الكومبيوترية. ولكن هناك آراء أخرى تقول إن قرننا سيدخل تاريخ العلوم والتقنيات كقرن لتقنية النانو على الأرجح.* “نانو” تعني جزءا من ألف جزء، بمعنى أن الحديث يدور عن حجم في منتهى الضآلة، واقعيا عن تقنيات عناصر البناء فيها يمكن أن تكون مجرد ذرات أو جزيئات.* كمية هذه الشعيرات اللاصقة لعظاءة منزلية عادية ما يسمى بالعامية ” أبو بريص” تصل إلى 6،5 X 10 أس 6 في كل يد، وتتمسك هذه الشعيرات بأخاديد متناهية في الصغر في السطح الأملس. والعظاءة التي يصل وزنها إلى خمسين غراما يمكن أن تحمل وزنا إضافيا بحدود كيلوغرامين. ربما يسمح عصر تقنيات النانو للإنسان ذات حين تحقيق أهدافه باستخدام ذاك الأسلوب الذي تستخدمه العظاءة. * تقنية النانو يمكن أن تساعدنا في صنع أدوية نوعية جديدة.هذه الأدوية سيكون لها تأثير محدد التوجه بدقة عالية وإزالة المؤثرات المرافقة. والأهم أنه يمكن استخدامها على مستوى الخلايا وهذا يعني استخدامها في علاج السرطان.* ليس من الواضح بعد متى ستندرج النماذج التي تم الحصول عليها في مجال الإنتاج الصناعي. فحتى ذاك الحين لا بد من حل معضلات عديدة. من مثل مهمة صنع أدوات يمكن أن تعمل مع عناصر لا يراها الإنسان بالعين المجردة. ليس من المستبعد ان مع الوقت يمكن صنع جهاز نانو يستطيع قياس المشاعر الإنسانية.

الجمعة، 14 مارس 2014

موقع روسى يتنبأ بالحرب العالمية الثالثة فى سبتمبر 2015 بعد غزو الاتحاد السوفيتى الجديد لأوكرانيا.. الناتو وأمريكا يغزون تركيا ويحاربون موسكو.. بوتين يعلن التحالف مع مصر ويحذر أعدائها من الاقتراب منها

 

أعد موقع راديو “صدى سانت بطرسبورج” الروسى، تقريرًا حول الحرب العالمية الثالثة، والذى قال فيه أن موسكو ستقوم بغزو أوكرانيا، وحلف الناتو سيقوم بضرب موسكو عسكريًا ولكن فى عام 1981 أعدت مكتب تاتشر الإنجليزية أيضا خطة للحرب العالمية الثالثة، وهى أن الاتحاد السوفيتى سيقوم بغزو ألمانيا والغرب سيقوم بضرب قنبلة نووية فى أوروبا الشرقية.
وأضاف الراديو أن عميل المخابرات الروسية السابق KGB فلاديمير بوتين، أصبح رئيسًا لروسيا، ويحلم بالعودة إلى وضع القوة العالمية وللمرة الأولى بدأ بخلق التحالف المناهض للولايات المتحدة فى عام 2003، جنبًا إلى جنب مع حلفائها، وهم قادة ألمانيا وفرنسا ولكن هذا التحالف لم ينجح، وقرر إعادة الاتحاد السوفيتى فى شكل الاتحاد الأوراسى، وتوسيع الدولة لتشمل الجزء الذى يُسَمَّى “محور الشر” وأيضًا، بدأ بوتين فى روسيا من الداخل يستعيد الاتحاد السوفياتى، وترتيب القمع ضد اليسار، والمسلمين السنة، ومثليى الجنس.
قرر الرئيس الأمريكى باراك أوباما تحقيق السلام مع روسيا، قائلاً إن السياسة الخارجية السابقة لجورج بوش كانت خاطئة ومع ذلك، فقد أظهرت ثورات الربيع العربى أن واشنطن لا تزال هى بسياستها العدوانية ضد الدول وبوتين خاف أن يفعل الأمريكان بموسكو كما فعلوا فى ليبيا أو مصر وقرر بوتين تحذير الغرب.
أوضح التقرير أن عام 2014 الجارى، سيكون بداية أحداث اندلاع الحرب العالمية الثالثة فى 2015، فأثناء عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بسوتشى فى فبراير هذا العام، ستعلن روسيا البيضاء دخول موسكو إلى أراضيها ويوم 20 مايو سيهدد فلاديمير بوتين بالغزو الثانى لجورجيا، وظلت أبخازيا على وضعها ويوم 28 مايو سيعلن “باراك أوباما” أن التهديدات التى قام بها بوتين غير مقبولة وسيهدده بالرد عن طريق ضربة عسكرية إذا قام بغزو جورجيا وفى 12 سبتمبر سيهدد بوتين جورجيا مرة أخرى، وهذه المرة يعطى مهلة لإجراء استفتاء حتى 1 أكتوبر.
وأشار الراديو إلى أنه يوم 13 سبتمبر سيرفع أوباما الهاتف الأحمر من مكتبه الأبيض، ويدعو بوتين إلى التراجع عن موقفه وعقد مؤتمر فى سان بطرسبرج لمناقشة الأزمة فى منطقة القوقاز، بوتين يوافق على الطلب ويلتقى أوباما، مع رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الصينى شى جين بينغ والمرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى مع بوتين فى سان بطرسبرج لمناقشة الأزمة، وفى النهاية.. سيوافقون على إجراء استفتاء فى أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
وفى 1 أكتوبر سيصوت كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا لكى ينضموا إلى روسيا ويوم 4 نوفمبر ستقام الانتخابات النصفية فى الولايات المتحدة الأمريكية والجمهوريون سيحصولون على الأغلبية المؤهلة فى مجلس النواب وأغلبية ضئيلة فى مجلس الشيوخ.
ويوم 7 نوفمبر السفير الروسى فى بولندا “فلاديمير جرينين” يقتله ناشط احتجاجًا على انتهاك حقوق مثليى الجنس فى روسيا وفى نفس اليوم هناك محاولة لقتل بوتين، مما يثير الشغب الراديكالى المتطرف فى موسكو، وتحدث أعمال شغب فى روسيا كلها.
ومن 8 نوفمبر إلى 10 نوفمبر تستمر الاضطرابات ولا يسمع أحد عن بوتين أى شىء وتُولَد موجة من الشائعات حول وفاته وفى نهاية المطاف يُقتَل 873 شخصا، ويتم اعتقال أكثر من 90 ألف شخص أثناء هذه الاضطربات وفى 11 نوفمبر يظهر بوتين علنا بعد محاولة اغتياله ويعلن الأحكام العرفية ويحظر الأحزاب اليسارية والليبرالية للحفاظ على وحدة البلاد والأمن، ويقول إن أعمال الشغب فى واقع الأمر هى مكائد الغرب، ولكن فازت روسيا على هذه المكائد.
وسيتحدث يوم 6 ديسمبر وزير الخارجية البولندى رادوسلاف سيكورسكى مع وزير الخارجية الروسى ألكسندر ياكوفينكو، ويقول إن بولندا تعترف أن شرق آسيا المجال الحصرى للنفوذ الروسى ويوم 31 ديسمبر انسحاب الجيش الأمريكى من أفغانستان.
ومع بداية 1 يناير 2015 يتواجد الاتحاد الأوراسى الذى يشمل؛ مولدوفا، وأرمينيا، وأذربيجان، وكازاخستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، ووسائل الإعلام الغربية تعطيه اسم “الاتحاد السوفيتى الجديد”، وفى 23 يناير تتسرب معلومات فى الولايات المتحدة، أن روسيا تخطط لغزو لاتفيا فى فبراير من نفس العام، وتؤدى هذه المعلومات إلى تغير كبير فى سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا.
ويوم 27 يناير سيأمر فلاديمير بوتين بمضاعفة البحرية الروسية حتى عام 2020، وفى يوم 6 فبراير، الرئيس أوباما سيذكّر بوتين أنه وفقًا للمادة الخامسة من حلف شمال الأطلسى، ففى حالة محاولة روسيا لتوسيع نفوذها فى أوروبا الشرقية، ستضطر الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية.
وفى 26 فبراير، ستجرى الانتخابات الرئاسية فى أوكرانيا، وسيصل إلى الجولة الثانية، الرئيس الأوكرانى، فيكتور يانوكوفيتش، ومرشح المعارضة المناهضة لروسيا، فيتالى كليتشكو.
وفى 14 مارس روسيا توحد أوسيتيا الشمالية وأوسيتيا الجنوبية، لتشكيل “أوسيتيا”، وسيتم مكافحة مثليى الجنس، والمسلمين السنة، والشيوعيين، وسترفض الولايات المتحدة الاعتراف بأوسيتيا الجديدة.
وفى 15 مارس روسيا ستتهم جورجيا بانتهاك معاهدة سانت بطرسبرج فى عام 2014، وتصبح جورجيا فى يد روسيا، وفى 17 مارس، يجتمع الرئيس أوباما، فى جلسة مشتركة للكونجرس “حالات الطوارئ”، والتى تنص على أنه سيتم الآن اتباع سياسة عدم التسامح ضد العدوان الروسى.
وفى 18 مارس، روسيا وتركيا يدخلان فى حالة حرب، بسبب فتح السفن الحربية التركية النار على سفن حربية روسية فى البحر الأسود، وتدعى تركيا أنها اضطرت لاتخاذ هذه الخطوة، اعتراضًا على إشارة من السفن الروسية أنهم أمروا ببدء الحصار من شرق البحر الأبيض المتوسط، لمنع توريد الأسلحة الأمريكية للمتمردين السوريين.
وفى يوم 19 مارس، تبدأ الجولة الثانية من الانتخابات الأوكرانية، ويتم إعلان كليتشكو معارض روسيا، أنه الفائز ولكن موسكو ترفض الاعتراف بنتائج هذه الجولة.
20 مارس تبدأ قمة طارئة لمنظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) فى بروكسل، بعد رفضهم طلب لتركيا لتقديم أية مساعدة عسكرية ضد روسيا، وهذه بداية الفجوة بين تركيا، وحلف شمال الأطلسى.
وفى يوم 21 مارس، يعقد بوتين دورة استثنائية لمجلس الدوما الروسى، ويعلن أنه إذا أقسم كليتشكو وأصبح الرئيس، ستنسحب روسيا من الاتفاق الروسى- الأوكرانى، وعن عقد الغاز، فى عام 2010، ومعاهدة السلام والصداقة فى عام 1997.
وفى 23 مارس، توقع روسيا، ومصر، معاهدة عسكرية، للتحالف بين البلدين، ويحذر الرئيس بوتين بشدة، أعداء مصر، ويعلن أن أى هجوم عليها يُعتَبَر هجومًا على روسيا.
ويوم 25 مارس، تهاجم قوات أوسيتيا، المسلمين الأكراد اللاجئين، الذين يصلون فى أذربيجان، وتنظيم القاعدة يعلن الحرب.
وفى 27 مارس، يحدث انقلاب فى باكستان، ويأتى إلى السلطة عمران خان، والذى سيكون بداية تحسين العلاقات مع الغرب، كما سيمنع عمليات القاعدة فى روسيا.
وفى 31 مارس، يعلن حلف شمال الأطلسى، أنه سيضمن حماية سيادة أوكرانيا، و2 إبريل ستنتهى الحرب الأهلية السورية مع النصر للمتمردين والحكومة الجديدة تكسر كل العلاقات مع روسيا، وفى 5 إبريل يتم الإطاحة بالحكومة الإيرانية، من قِبَل حزب الخضر (المتطرفين الشيعة).
وخلال 11 إبريل، تترك تركيا حلف شمال الاطلسى، وفى 14 إبريل توافق قوات اوسيتيا على وقف إطلاق النار مع تنظيم القاعدة، و28 إبريل بوتين يرفض كل الاتفاقات بشأن معاهدة ستارت.
وفى 6 مايو الرئيس السوفياتى السابق ميخائيل جورباتشوف، الذى هاجر بعد أعمال الشغب الراديكالية التى تم التنبؤ به فى نوفمبر 2014، سيجتمع مع الرئيس أوباما فى البيت الأبيض، ويعلن أن الحكومتين الروسية، والتركية تبدأ التقارب سرا.
وفى 17 مايو، فنلندا، واليابان، ولبنان، يرفضون الاقتراح الروسى لإبرام اتفاقيات عدم الاعتداء، وفى 21 مايو، أوكرانيا تعلن الانتهاء من إعادة فرز الأصوات، وتعلن كليتشكو الفائز وأن يحلف اليمين الدستورية.
وفى 22 مايو إيران تنضم إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعى، وفى 10 يوليو اجتماع استثنائى لدول حلف شمال الأطلسى يُعقَد فى بروكسل، ويتعهد بحماية أوكرانيا من أى هجوم روسى.
وفى اليوم نفسه، الاتحاد الأوروبى يتبنى قرارًا مماثلا، وفى 23 أغسطس، توقع روسيا، وتركيا معاهدة عدم اعتداء، بموجبها تتوقف تركيا عن التدخل فى المصالح الروسية بأوكرانيا.
وفى 25 أغسطس بوتين يقوم بتأخير الهجوم العسكرى على أوكرانيا، رَدًّا على التهديد الإيرانى بالانسحاب من منظمة معاهدة الأمن الجماعى، اذا هاجمت روسيا أوكرانيا.
وفى 1 سبتمبر، روسيا تهاجم “توزلا”، فى مضيق كيرتش وسارتش وسيفاستوبول، وتبدأ المعارك فى شرق أوكرانيا، لتنفيذ غزو واسع النطاق وفى 3 سبتمبر تعلن منظمة حلف شمال الأطلسى والاتحاد الأوروبى الحرب على روسيا وتبدأ بالفعل الحرب العالمية الثالثة.
يغزو الناتو تركيا فى 4 سبتمبر، وفى 6 سبتمبر، وتتفق باكستان وإيران ولبنان على مساعدة حلف شمال الأطلسى، والاتحاد الأوروبى، لمكافحة روسيا، ونتيجة لذلك، فإن الحرب العالمية الثالثة تودى بحياة 250 مليون شخص، وسيعود العالم إلى الوراء قرنا من الزمن، وستحتل روسيا العالم الغربى، وستقيم الديمقراطية، والقيم البشرية المتحضرة، وفقًا للتقرير المنشور.